الرياض: د. عبير مبارك
حذر باحثون أميركيون وسويديون من التأثيرات السلبية المحتملة لاستخدام الهاتف الجوال في نوعية نوم الإنسان. وشملوا في تحذيرهم تأثيرات وضع الهاتف الجوال بجوار السرير، في نوعية النوم. وأشاروا إلى جدوى استخدام الهاتف الثابت أثناء فترات ما بعد الظهر والمساء، بدلاً من الهاتف الجوال، على تحسين نوعية نومهم بالليل.
ويأتي هذا التحذير، مكرراً لنتائج دراسات طبية أخرى، تحدثت حول تأثير استخدام الهاتف الجوال في النوم، خاصة عند استخدامه بالليل، وبشكل أكبر على نوم الأطفال والمراهقين.
ومن جانبهم، يُحاول الباحثون من استراليا فحص ما إذا كان استخدام أو وضع الهاتف الجوال بجوار الأطفال سيجعلهم، بالمقارنة مع البالغين، أكثر تأثراً بتلك الأنواع من الموجات الصادرة عنها. وكانت دراسة حديثة لهم، شملت 110 من البالغين، قد أثبتت أن موجات الهاتف الجوال تتسبب في تأثيرات في عمل الدماغ وفي نشاط نوعية ألفا من الموجات الدماغية.
وبالرغم من تأكيد كثير من العلماء على أنه لا توجد تأثيرات صحية بالغة لاستخدام البالغين للهاتف الجوال، إلا أن الشكوك حول وجود تأثيرات تتسبب في الصداع والغثيان واضطرابات في التركيز وسرطان الدماغ وغيرها، لا تزال قائمة.
وأثار المجلس القومي للأبحاث National Research Council في الولايات المتحدة، الأسبوع الماضي، ضرورة إجراء مزيد من الدراسات الطبية حول استخدام الهاتف الجوال، خاصة على الأطفال وأجنة الحوامل.
وكانت السلطات الفرنسية، قد دعت على لسان وزير الصحة الفرنسي، إلى الحد من استخدام الهاتف الجوال، وتحديداً منع الآباء والأمهات أبناءهم وبناتهم من استخدامه، خاصة حينما يكون الاستقبال ضعيفاً.
* الجوال والأطفال
* ويعتزم الباحثون من جامعة سوينبيرن ميلبورن الأسترالية، البدء بدراسة تشمل 40 طفلاً ممن تتراوح أعمارهم ما بين 12 و 13 سنة، بالإضافة إلى 20 شخصاً من البالغين الذين تتراوح أعمارهم ما بين 55 و 75 سنة.
وأشار الدكتور رودني كروفت، الذي قام بدراسة سابقة على بالغين الى أن الأمر لم يتم فحصه على الأطفال. وتوقع أن تدل النتائج على تأثر أكبر بين الصغار في السن. وقال الباحثون الأستراليون: ان 25% من الأطفال في سن ما بين 6 و 13 سنة لديهم هاتف جوال! هذا وكانت دراسة بريطانية قد افادت بأن ثمة أنواعاً من السرطان قد تأخذ مدة ما بين 10 إلى 15 سنة حتى تظهر على المصابين.
وممن ينصحون علانية بعدم استخدام الأطفال للهاتف الجوال، البروفيسور بروس ارمسترونغ الذي علق على النصيحة الفرنسية بأنها حكيمة. وأضاف بأننا لا نعلم أن استخدام الهاتف الجوال من قبل الأطفال، يتسبب في مشاكل صحية، إلا أننا لا نعلم أنه لا يتسبب في ذلك على وجه اليقين. وكانت مجلة بيرز أون لاين PIERS Online العلمية قد نشرت في عددها الأخير دراسة الباحثين من جامعة ولاية واين بالولايات المتحدة ومن معهد كارولينسكا بالسويد حول تأثيرات الهاتف الجوال في النوم. ومجلة بيرز الالكترونية معنية بنشر تطورات الدراسات المتعلقة بأبحاث تأثيرات الأجهزة الكهربائية المغناطيسية Electro Magnetics .
وشمل الباحثون في دراستهم 36 امرأةً و35 رجلاً، منهم 22 امرأة و 16 رجلا كانوا يشكون من أعراض مرتبطة بشكل خاص باستخدام الهاتف الجوال. وتم انتقاء شريحة الدراسة من بين متطوعين رغبوا في أن تشملهم دراسة تأثيرات الهواتف الجوال فيهم، وخضعوا لفحوص من قبل الأطباء لهذه الغاية.
* اختبارات علمية
* ومر المتطوعون بثلاث مراحل من الدراسة في المختبرات، الأولى لتعويدهم على ما سيتم البحث فيه، والاثنتان الأخريان كانتا تجارب علمية.
وخلال التجارب تم تعريض المشاركين لمدة ثلاث ساعات، إما لموجات حقيقية صادرة عن هواتف جوالة، أو أوضاع تُوهم بذلك. ولم يعلم المشاركون أياً منها الحقيقي وأياً منها المزيف. وتم توجيه الموجات الصادرة عن كل من هواتف جوالة تعمل على استقبال مكالمات وأخرى تعمل لكن لا تستقبل آنذاك أي مكالمات. وذلك نحو الجهة اليسرى من الرأس. وقام الباحثون برصد جملة من المتغيرات قبل وأثناء وبعد التعرض لتلك التأثيرات الوهمية والكهرومغناطيسية. كما تم رصد الملاحظات التي أبداها المشاركون فيما يتعلق بالنوم والمزاج ووظائف التفكير العقلي ونتائج قراءات تخطيط المخ Electro Enc ephalo Graphic.
وتبين للباحثين أن المشاركين استغرقوا وقتاً طويلاً للوصول إلى المرحلة الثالثة من النوم العميق، كما تمتعوا بوقت أقصر خلال المرحلة الرابعة من النوم، بعد تعرضهم للإشارات الصادرة عن الهواتف الجوالة، وذلك بالمقارنة مع منْ تعرضوا لموجات إشارات وهمية. ومعلوم أن سرعة بلوغ هذه المراحل من النوم، والاستغراق فيها، مهم للتغلب على الإنهاك والتعب الذي يعتري الجسم والعقل أثناء النهار.
كما تبين للباحثين أن المشاركين الذين لم يشكوا من أية أعراض في نومهم نتيجة للتعرض للهاتف الجوال، كانوا أكثر عرضة للشكوى من الصداع أثناء وقت التعرض الفعلي للهاتف الجوال، بالمقارنة مع منْ تعرضوا لموجات وهمية زائفة.
ولا يزال الباحثون يُحللون بقية نتائج الدراسة في ما يتعلق بالتأثيرات الصحية الأخرى.
من جانبها علق منتدى صانعي الهواتف الجوالة Mobile Manufacturers Forum ، الذي رعى إجراء الدراسة، ضمن (وجهة نظر) على نتائجها، بأنه يجب قراءتها على ضوء مجمل البحوث والدراسات التي تناولت سلامة أجهزة الهواتف الجوالة. وأشاروا إلى مراجعات منظمة الصحة العالمية التي خلصت إلى أن التعرض لمجالات الموجات تلك لا يتسبب بأي أضرار صحية. كما أشاروا إلى أن ثمة دراسة علمية أخرى لم تلحظ تأثيرات للهاتف الجوال في النوم.